السبت، 29 ديسمبر 2012

ورقة عمل


ورقة عمل :
البيوع المحرمة :-
السؤال الأول /

ان يشتري شخص سلعة بثمن مؤجل ثم يبيعها على البائع بثمن اقل .

مبادلة النقود بعضها ببعض .

الزيادة او التأخير في مبادلة اموال مخصوصة .

هو الربا الذي يكون محله عقود المعاوضات والمبادلات التجارية
رتبي  المصطلحات الآتية : عقد الصرف – الربا – بيع العينة – ربا البيوع .
السؤال الثاني /
أ/ عللي ؟
1-                  تسمية ربا البيوع بهذا الاسم :
...........................................................................................
2-                  تحريم بيع العينة :
...........................................................................................
ب/اكملي الفراغ :
1-     اذا كانت النقود من جنس واحد فيشترط شرطان هما .........................و..................
2-     الظلم في البيوع له صور متعددة منها ...................و.......................و......................
3-     ربا النسيئة هو .............................................................................................
السؤال الثالث /
أ/ دللي :
1-    تحريم الربا ...........................................................
2-    تحريم الغش ..........................................................
ب/ مثلي :
1-    ربا الفضل ........................................................
2-    ربا نسيئة........................................................

بطاقات الائتمان




فيشترط لجواز التعامل ببطاقات الائتمان أن تتوافر فيها الضوابط الشرعية، فإن كثيرا من بطاقات الفيزا تشتمل على محظورات شرعية منها:
الأول: التوقيع على عقد يحتوي على شرط ربوي، وهو دفع فائدة عند التأخر في السداد عن المدة المتاحة ، وهذا العقد محرم، ولو كان في عزم الإنسان ونيته ألا يتأخر عن السداد.
الثاني: الوقوع في الربا فعلا، فقد يتأخر الإنسان عن السداد فيقع في الربا.
الثالث: ما انتهجه بعض المصدرين لبطاقات الفيزا من أخذ نسبة من العميل على ما يسحبه العميل، وهذا ربا محرم، وليس لمصدر البطاقة إلا اقتطاع مبلغ معلوم يمثل الأجرة الفعلية في مقابل خدماته، وهذه الأجرة لا تختلف باختلاف قدر المال المسحوب.
فمتى سلمت بطاقة الائتمان من المحظورات الشرعية جاز التعامل بها، وراجع في بيان ذلك فتوانا رقم: 19728، وما ذكرته من أنك تضع المال في حساب البطاقة قبل الشراء فهذا ما يعرف بالبطاقة المغطاة، ويشترط لجوازها خلوها من المحذورات الشرعية، وقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة عشرة 1425هـ، 2004م قراراً بخصوص البطاقات المغطاة جاء فيه ما يلي:
أ‌-  يجوز إصدار بطاقات الائتمان المغطاة ، والتعامل بها ، إذا لم تتضمن شروطها دفع الفائدة عند التأخر في السداد.
ب‌- ينطبق على البطاقة المغطاة ما جاء في القرار 108(2/12) بشأن الرسوم، والحسم على التجار ومقدمي الخدمات، والسحب النقدي بالضوابط المذكورة في القرار.
ج‌- يجوز شراء الذهب أو الفضة أو العملات بالبطاقة المغطاة.
ث‌- لا يجوز منح المؤسسات حامل البطاقة امتيازات محرمة، كالتأمين التجاري أو دخول الأماكن المحظورة شرعاً. أما منحه امتيازات غير محرمة مثل أولوية الحصول على الخدمات أو التخفيض في الأسعار، فلا مانع من ذلك شرعاً.
د‌- على المؤسسات المالية الإسلامية التي تقدم بدائل للبطاقة غير المغطاة أن تلتزم في إصدارها وشروطها بالضوابط الشرعية، وأن تتجنب شبهات الربا أو الذرائع التي تؤدي إليه، كفسخ الدين بالدين. انتهـى .
وقد تضمن القرار 108(2/12) المشار إليه ما يلي:
أولا: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة، ولا التعامل بها إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني.
ثانيا: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شرط زيادة ربوية على أصل الدين .
ويتفرع على ذلك:
أ‌- جواز أخذ مصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة منه.
ب‌- جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة يمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثا: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة، لأنها من الربا المحرم شرعا، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13(10 /2) و13 (1 /3).
رابعا: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة . انتهـى.
أما سؤالك الثاني بخصوص طلب الشراء ممن يملك بطاقة ائتمانية ، فإذا كانت البطاقة الائتمانية جائزة شرعاً فلا حرج في ذلك ، إما إن كانت غير جائزة فلا يجوز ذلك، لأن فيه إقرارا للمنكر وتعاونا عليه، وإن لم يكن ذلك من التعامل الربوي بالنسبة لك.

البيوع المحرمة شرعاً


سنتناول البيوع المحرمة ، التي حرمها الشارع ، ومنع منها ، إما لإضرارها بالعباد ، أو لأن فيها أذى وضرراً للإنسان ، أو لأنها من الخبائث والمستقذرات التي حرمها الله ، أو لغير هذه الأسباب ، وذلك ليكون المسلم على بصيرة من أمر دينه ، وي
عرف الحلال من الحرام ، ويميز بين الخبيث والطيب ، فيسعد في دنياه وأخراه .

والبيوع الفاسدة كلها محرمة ، يجب اجتنابها ، لأنها من أكل أموال الناس بالباطل ، وهي أنواع عديدة ، وسوف نفصلها لاحقاً ونذكرها فيما يلي :
1 – بيع الأشياء النجسة والمحرمة .
2 – بيع الأجنة في بطون البهائم .
3 – البيع بشرط فاسد .
4 – بيع ما ليس عند الإنسان .
5 – بيع الشيء المشترى قبل قبضه .
6 – النهي عن بيع الثمر قبل ظهوره .
7 – تحريم بيع العربون .
8 – تحريم بيعتين في بيعة .
9 – بيع العنب لمن يتخذه خمراً .
10- تحريم بيع العينة .
11- حرمة بيع الحُر .
12- البيع والشراء في المسجد .
13- بيع التماثيل المجسمة .
14- تحريم النجش .
15- السوم على سوم الغير .
16- بيع الكلب واقتناؤه .
17- النهي عن بيع المصراة .
18- النهي عن بيع الحاضر للبادي .
19- النهي عن بيع الرطب بالتمر .
20- النهي عن بيع وسلف .
21- بيع الوفاء .


-------------------

بيع الأشياء النجسة والمحرمة


من البيوع المحرمة التي لا يجوز بيعها : بيع النجس أو المتنجس من الأشياء ، كالخمر ، والخنزير ، والدم ، والميتة ، والأرواث ، والأزبال النجسة ، ذلك لأن من شروط صحة البيع ، أن يكون المبيع "طاهر العين" غير محرم .

أما الخمر والخنزير والدم ، فلقول الله عز وجل ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية . .) سورة المائدة الآية 3 .
ولقول الله عز وجل في الخمر : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه لعلكم تفلحون) سورة المائدة الآية 90 .
والرجس في اللغة : القذر والنجس ، فالخمر محرمة ، يحرم بيعها بنص الكتاب العزيز .
كما وضح هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم تحريمها ، بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :
(إن الله حرم بيع الخمر ، والميتة ، والخنزير ، والأصناع ، فقيل يا رسول الله : أرأيت شحوم الميتة؟ فإنها يُطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس!؟ فقال : لا ، هو حرام.

ثم قال صلى الله عليه وسلم عند ذلك : قاتل الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم ، فجملوها – أي أذابوها – فباعوها ، وأكلوا أثمانها) أخرجه البخاري رقم 2236 باب بيع الميتة والأصناع ، ومسلم رقم 71 في كتاب المساقاة .
وقال البخاري : قاتلهم الله : أي لعنهم ، وقتل : لعن .

وأخرج البخاري "باب تحريم التجارة في الخمر" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (لما نزلت آيات سورة البقرة عن آخرها ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حرمت التجارة في الخمر) أخرجه البخاري رقم 2226 .
وروى أحمد والطبراني من حديث تميم الداري مرفوعاً : (إن الخمر حرام شراؤها وثمنها) فتح الباري على شرح صحيح البخاري 4/478 .

ومثل الخمر في النجاسة وحرمة البيع : أنواع المخدرات ، من الأفيون ، والحشيش ، والهيروين ، وسائر هذه الخبائث من التبغ الذي ثبت مضرته طبياً والله حرم كل ما له ضرر بالصحة والمال ويتبع ذلك مستلزمات تلك الأشياء المحرمة من أدوات الخمر والتدخين فالإتجار بها غير جائز شرعاً وخصوصاً لو ثبت أنها لم تصنع إلا لأجلها أو محصورة الإستخدام لها فقط منها : الغلايين والنرجيلة والشيش ومكائن لف ورق التبغ وورق التبغ وولاعات السجائر وعلب السجائر .
.
والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر ، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بائع الخمر ، وشاربها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه) أخرجه الترمذي رقم 1295 وابن ماجه رقم 3381 باب لُعنت الخمرة على عشرة أوجه . واللعن : دليل أشد أنواع الحرمة .

وأباح بعض الفقهاء ، بيع ما فيه منفعة تحل شرعاً ، ويستفاد منها ، كبيع الأرواث والأزبال النجسة ، التي يحتاج إليها اصحاب البساتين للسماد .
واستدلوا بما روى ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشأة ميتة ، فقال : هلا استمتعتم بإهابها؟ -أي هلا انتفعتم بجلدها؟ لأن الجلد يطهر بالدباغة – قالوا يا رسول الله : إنها ميتة!! قال : إنما حرم أكلها) أخرجه البخاري رقم 2221 باب جلود الميتة قبل أن تدبغ .

فقد دل الحديث على جواز الانتفاع بها في غير الأكل ، فيستفاد من جلدها ، وما دام الانتفاع جائزاً بها في غير الأكل ، فكذلك يجوز الانتفاع بالأرواث والأزبال وبيعها ، لتكون سماداً للأرض .


-------------------------


البيع بشرط فاسد


من البيوع الفاسدة التي حرمها الإسلام "البيع بشرط لا يقتضيه العقد" فإذا شرط البائع شرطاً لا يقتضيه العقد ، فالبيع فاسد ، كمن يقول لآخر : أبيعك هذه الدار ، بشرط أن تبيعني فرسك ، أو بعتك هذا البستان ، بشرط ألا تبيعه لأحد ، فإن هذا ينافي العقد ، لأن "عقد البيع" يقتضي أ، للمشتري الحق في التصرف بملكه ، وهذا الشرط يمنعه من التصرف ، فهو عقد فاسد ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "نهى عن بيع وشرط" أخرجه النسائي في البيوع 71 ومالك في الموطأ 69 من كتاب البيوع .
فالأصل في البيع أن يكون مطلقاً ، غير مقيد بقيد ولا شرط ، فإذا شرط البائع شرطاً ينافي العقد ، فإن العقد يعتبر فاسداً .
وهناك عقود لا يضر فيها الشرط ، لأنها لا تنافيه ، ولا تؤثر على صحته .



أنواع الشروط


وقد فصل لنا الفقهاء رضوان الله عليهم الشروط ، وبينوا الصحيح منها من الفاسد ، فمنها ما يفسد البيع ، ومنها ما يصح معه البيع ويبطل الشرط ، ومنها ما لا يؤثر في البيع إطلاقاً ، لأنها شروط لا تنافي العقد ، وهي على أنواع أربعة :

الأول : شرط يقتضيه العقد ويستلزمه ، كما إذا اشترط المشتري على البائع أن يسلمه الدار ، عند دفع كامل الثمن ، فإن هذا الشرط لا يؤثر ، لأنه من ضرورات العقد .

الثاني : شرط أباحه الشرع وقرره ، وهو "خيار الشرط" وذلك مثل أن يقول المشتري للبائع : أشتريت منك هذه الدار بكذا ، على أن لي الخيار ثلاثة أيام ، وكذلك إذا قال البائع : بعتك هذه الدار على أن لي الخيار ، فهذا كله جائز ، سواءً كان الشرط من البائع أو المشتري ، فإما أن يُمضي العقد ، أو يفسخه في مدة الشرط .

والأصل في جواز هذا الشرط ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ ، وكان يُخدع في البياعات : "إذا ابتعت فقل : لا خلابة – أي لا غش ولا غدر – ولي الخيار ثلاثة أيام" أخرجه مسلم رقم 1544 بلفظ "إذا بايعت فقل لا خلابة" .

الثالث : شرط فيه مصلحة زائدة : كما إذا اشترى شاة بشرط أنها حامل ، فهذا الشرط لا يفسد العقد ، لأن فيه منفعة ترغب في شرائها ، وكذلك إذا اشترى داراً ، بشرط أن تكون غير مرهونة ، فإنه شرط جائز لا يفسد العقد ، لأنه الأصل في التعامل ، أن تكون الدار خالية من الرهن ، أو من المستأجر ، ليمكن تسليمها إلى المشتري .



الشرط المفسدة للعقد


الرابع : شرط لا يقتضيه العقد وينافيه : كما إذا قال البائع : بعتك الدار بشرط ألا تبيعها ، فإن هذا ينافي العقد ويخالفه ، لأن العقد يقتضي أن للمشتري الحق في التصرف بملكه ، فإذا شرط عليه ما يخالف حقه ، فهو عقد فاسد .
وهذا هو المراد من الحديث النبوي الشريف ، الذي رواه النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط" أخرجه النسائي 7/300 ومالك في الموطأ 69 .

وذهب بعض الفقهاء إلى أن الشرط باطل ، والعقد صحيح ، واستدلوا بقصة بريرة التي رواها البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت :
"جاءتني بريرة فقالت : كاتبت على تسع أواق ، في كل عام أوقية ، فأعينيني ، فقلت : إن أحب أهلك أن أعدها لهم – أي أدفعها لهم كلها كاملة – ويكون ولاؤك لي فعلت ، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ، فأبوا ذلك عليها ، فجاءت من عندهم ورسول اله صلى الله عليه وسلم جالس ، فقالت : إني قد عرضت ذلك عليهم ، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم .
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم الخبر ، فقال : خذيها واشترطي لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق!! ففعلت عائشة ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
"أما بعد ، ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ، ما كان من شرط ليس في كتاب الله – يعني يخالف الشرع – فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، قضاء الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق" أخرجه البخاري رقم 2168 باب "إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل" ومسلم رقم 5 كتاب العتق قال ابن حجر 4/440 : وصنيع البخاري في الترجمة "شروطاً لا تحل" كأن غرضه بذلك أن النهي يقتضي الفساد ، فيصح ما ذهب إليه من أن النهي عن تلقي الركبان ، يرد به البيع .

ومعنى الولاء : أن يكون إرث الأمة بعد وفاتها لمن اعتقها .
وفي رواية أخرى : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة : "اشتريها فأعتقيها ، وليشترطوا ما شاءوا ، فاشترتها عائشة فأعتقتها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن أعتق ، وإن اشترطوا مائة شرط" أخرجه الترمذي رقم 1256 وقال : حديث حسن صحيح وأورده مسلم في كتاب العتق رقم 1504 .


-------------------------

بيع ما ليس عند الإنسان



ومن البيوع المحرمة : بيع ما لا يملكه الإنسان وما ليس عند الإنسان ، لأن ما لا يملكه الإنسان في حكم المعدوم ، والمعدوم لا يجوز بيعه ، لعدم القدرة على تسليمه ، وما ليس عند الإنسان حكمه حكم المعدوم أيضاً لا يحل بيعه ، لحديث حكيم بن حزام قال : "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع ما ليس عندي" أخرجه أبو داود رقم 3503 والترمذي رقم 1232 .

وفي رواية أخرى : عن حكيم بن حزام قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت يا رسول الله : يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي!! فأبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال : "لا تبع ما ليس عندك" أخرجه الترمذي رقم 1233 وقال :حديث حسن .

ويدخل في هذا البيع المحرم ، بيع السمك في الماء ، والطير في الهواء ، لعدم القدرة على تسليمه ، أما إذا صاده ثم باعه ، فإن ذلك جائز ، لأنه صار في حوزته .
ومما يدل على تحريم بيع السمك في الماء ، ما روي عن ابن مسعود : "لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر" هذا موقوف على ابن مسعود ، وروي مرفوعاً .

كما روي النهي عن "ضربة الغائص" وهي : أن يبيع الغواص لإنسان ، ما يستخرجه في غوصه في البحر من لآلئ ، فيقول له : ما أخرجته في هذه المرة ، فهو لك بكذا من الثمن ، فإن مثل هذا العقد لا يجوز ، وهو كله فاسد ، لأن فيه تغريراً بالمشتري ، فقد لا يخرج شيء معه ، ويقع النزاع والخصام بين المشتري والبائع ، فقطعاً لدابر الفتنة والتغرير ، حرم الشارع مثل هذه الأشياء .


-------------------

بيع الشيء المشترى قبل قبضه


وكذلك حرم الشارع بيع الشيء قبل قبضه ، فلا يصح لمسلم اشترى شيئاً أن يبيعه قبل قبضه ، إذ يحتمل فقدانه ، أو سرقته ، أو هلاكه عند البائع فيكون قد غرر بالمشتري ، وبيع الغرر غير جائز ، لحديث ابن عباس : "نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يباع الطعام حتى يقبض ، قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله" أخرجه البخاري رقم 2135 وفي رواية أخرى "من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه" أخرجه البخاري .
فإذا اشترى إنسان شيئاً ولم يستلمه ، ثم باعه لآخر ، فإن هذا البيع فاسد وغير صحيح ، لحديث : " نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع ، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" أخرجه أبو داود رقم 3499 في البيوع .
أي حتى يتملكوها وتصبح تحت أيديهم وتصرفهم ، وفي رواية لمسلم : "من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ويقبضه" أخرجه مسلم رقم 1526 باب بطلان المبيع قبل القبض .


----------------------

تحريم بيع العربون

ومن البيوع المحرمة " بيع العربون " وصورته: أن يشتري شيئاً ثم يدفع جزءاً من الثمن، كعربون إلى البائع، فإن أمضى البيع دفع بقية الثمن، وإن رد المبيع كان هذا " العربون " من حق البائع، لا يرده للمشتري. وإنما كان هذا البيع محرما، لأن البائع اشترط أن يأخذ هذا العربون لنفسه، إن رفض المشتري العقد، فيكون هذا الشرط مفسدا للبيع، لأنه أخده دون عوضن وهو من أكل أموال الناس بالباطل. والدليل على تحريمه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : " نهى عن بيع العربون " أخرجه ابن ماجه رقم 2192 وأبو داود رقم 3509. وفي رواية النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم: " نهى عن بيع العربان " ومعناهما واحد، يقال: عربان ، وعربون. وهذا مذهب جمهور الفقهاء، قالوا : لا يصح هذا البيع، لأنه من أكل أموال الناس بغير حق، وهو عقد فاسد، وإذا كان العقد فاسدا وجب رد العربون لصاحبه، وإذا لم يشترط هذا الشرط، ودفع له مبلغا مقدما فالمشتري ملزم بالصفقة، وعليه أن يدفع بقية الثمن، وهو بالخيار أن يبيعه لمن شاء، لأن البيع قد تم ولزم. وروي عن أحمد أنه قال: لا بأس به ، لأنه ترك ما دفعه إليه برضاه، واحتج بأن ابن عمر أجازه.
قال الشوكاني: والأولى ما ذهب إليه الجمهور، لأن حديث النهي يتضمن الحظر، وهو أرجح من الإباحة كما تقرر في الأصول – والعلة في النهي اشتماله على شرطين فاسدين نيل الأوطار للشوكاني 5/637 :
أحدهما : شرط كون ما دفعه إليه يكون مجانا إن اختار ترك السلعة .
الثاني: شرط الرد على البائع إذا لم يقع من المشتري الرضا بالبيع.
أقولك رأي الجمهور هو الأرجح والأصح، لأن البائع يأخذ المال دون مقابل ودون عوض، وقد يكون العربون كبيرا ، كما إذا دفع نصف قيمة الدار /500/ خمسمائة ألف درهم كعربون، فهذا ظلم صارخ أن يأخذه البائع دون حق.
قال في المغني: والعربون أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما أو غيره، علة أنه إن أخذ السلعة، احتسب الدرهم من الثمن، وإن لم يأخذها فذلك للبائع... قال أحمد : لا بأس به، وفعله عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر أنه أجازه، وقال ابن سيرين لا بأس به.
واختار أو الخطان أنه لا يصح، وهو قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع العربون " رواه ابن ماجه، ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض لم يصح، ولأن بمنزلة الخيار المجهول فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهما ، وهذا هو القياس، فأما إن دفع إليه قبل البيع درهما وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري، وإن لم أشترها منك فهذا الدرهم لك، ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ، وحسب الدرهم من الثمن صح، لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، وإن لم يشتر السعلة في هذه الصورة، لم يستحق البائع الدرهم، لأنه يأخذه بغير عوضن لصاحبه الرجوع فيه المغني لابن قدامة الحنبلي 6/331.


-----------------------

بيع التماثيل المجسمة

ومن البيوع المحرمة : بيع التماثيل المجسمة ، إذا كانت لذي روح ، من إنسان أو حيوان ، فالإسلام دين التوحيد ، وقد جاء بتحطيم الأوثان والأصنام ، ومنع من اقتنائها ، حماية لعقيدة التوحيد ، وكل ما يحرم اقتناؤه يحرم بيعه ، لحديث الترمذي "إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل أو صورة" .

روى البخاري عن سعيد بن أبي الحسن قال : "كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما ، إذ أتاه رجل فقال : يا أبا العباس ، إني إنسان إنما معيشتي من صنع يدي ، وإني أصنع هذه التصاوير ، فقال ابن عباس : لا أحدثك إلا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : "من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح ، وليس بنافخ فيها أبداً – أي لا يستطيع إحياءها أبداً – فربا الرجل – أي انتفخ – روة شديدة ، واصفر وجهه ، فقال له ابن عباس : ويحك إن أبيت إلا أن تصنع ، فعليك بهذا الشجر ، وكل شيء ليس فيه روح" أخرجه البخاري رقم 2225 باب بيع التصاوير .

وظاهر النص أن الحرمة إنما هي في صنع ما كان باليد لذي روح ، وأما التصوير بالآلة ، ففيه خلاف بين الفقهاء .


------------------

تحريم النجش

ومما نهى عنه الإسلام ، وحذر منه "النجش" بفتح النون وسكون الجيم ، وهو : الزيادة في السعر ، مع عدم الرغبة في شراء السلعة ، وذلك ليخذع ويغر الآخرين ، فهذا فيه إضرار وإيذاء ، وخداع للمشترين .

روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النجش" أخرجه البخاري رقم 2144 ومسلم رقم 1516 .

قال البخاري قال ابن أبي أوفى : "الناجش آكل ربا ، خائن ، وهو خداع باطل لا يحل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الخديعة في النار" فتح البراي على شرح صحيح البخاري 4/416 .

قال الشافعي رحمه الله : النجش : أن يحضر شخص السلعة وهي تباع ، فيدفع بها ثمناً ، وهو لا يريد شراءها ، ليقتدي به الناس ، فيعطون بها أكثر مما كانوا يدفعون ، ويقع ذلك غالباً بتواطؤ مع البائع ، فيشتركان في الإثم .

وقد أجمع العلماء على تحريم فعل هذا ، لأنه تغرير بالناس ، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه ، ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : "لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخواناً . ." أخرجه مسلم رقم 1515 في البيوع ، والترمذي رقم 1304 .

وإذا كان هذا العمل بتواطؤ مع البائع ، اشتركا في الإثم ، وإلا كان الإثم على الناجش قط ، لأنه غرر بالآخرين ، وأضر بهم ، وقد فشا مثل هذا الصنيع في هذا الزمان عند بعض المتبايعين ، لا سيما بين اصحاب الدور والسيارات ، يخدعون الناس ، ولا يتقون الله .

حكم البيع : وحكم هذا البيع عند الجمهور ، أنه بيع صحيح وهذا العمل حرام لأنه نوع من الخداع ، ولكنه لا يبطل البيع ، وليس للمشتري حق في رد السلعة ، أو الدار ، إذا علم بالأمر بعد ذلك ، لأنه ينبغي أن يكون حذراً يقظاً ، متبصراً بأمره ، حتى لا يخدع ، كما قال الفاروق رضي الله عنه : "لست بالخب ولا الخب يخدعني" .

وقال فقهاءالحنابلة : للمشتري الخيار في هذا البيع ، سواء تواطأ الناجش مع البائع ، أو لم يتواطأ ، بشرط أن يكون قد اشتراها بغبن زائد على العادة ، فيخير بين رد المبيع ، أو إمساكه . المغني لابن قدامة الحنبلي 6/305 .

ومثل النجش ، أن يقول البائع للمشتري : قد أعطيت في هذه السلعة كذا ، ثم يتضح كذب البائع ، فللمشتري – عند السادة الحنابلة – الخيار في الرد أو الإمساك ، لأنه غرر به وخدعه ، فيدخل هذا في بيع الغرر .


--------------------

السوم على سوم الغير

ومن البيوع التي نهى عنها الإسلام ، أن يسوم الرجل على سوم أخيه ، وصورته أن يتفق البائع مع المشتري ، على بيع شيء بثمن معين ، وقبل أن تجري صيغة العقد بيهما ، يدخل شخص آخر فيقول : أنا أشترية بأكثر من هذا الثمن ، فهذا العمل حرام ، يولد العداوة والبغضاء بين الناس ، ويقضي على روابط المحبة والأخوة بينهم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لا يبيع بعضكم على بيع بعض ، ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض ، ولا يسوم الرجل على سوم أخيه" أخرجه الترمذي رقم 1292 وأخرجه البخاري رقم 2140 بدون لفظ السوم على سوم أخيه ، ولكن ترجم له "باب لا يبيع على بيه أخيه ، ولا يسوم على سوم أخيه ، حتى ياذن له أو يترك" .

قال ابن قدامة : وقوله عليه الصلاة والسلام : "لا يبع بعضكم على بيع بعض" معناه : أن الرجلين إذا تبايعا ، فجاء آخر إلى المشتري في مدة الخيار ، فقال له : "أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأقل من هذا الثمن ، أو أبيعك خيراً منها بثمنها أو دونه ، أو عرض عليه سلعة رغب فيها المشتري ، ففسخ البيع واشترى هذه ، فهذا غير جائز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما فيه من الغضرار بالمسلم ، والإفساد عليه ، وكذلك إن اشترى على شراء أخيه ، وهو أن يجيء إلى البائع ، قبل لزوم العقد ، فيدفع في المبيع أكثر من الثمن الذي اشتري به ، فهو محرم ايضاً ، ولأن الشراء يُسمى بيعاً ، فيدخل في النهي ، فإن خالف وعقد فالبيع باطل ، لأن النهي يقتضي الفساد" المغني لابن قُدامة 6/306 .


---------------------

حكم شراء المسروق والمغصوب


يحرم على المسلم أن يشتري شيئاً مسروقاً ، إذا علم به ، لأن فيه إعانة على المعصية ، ومشاركة في الظلم والعدوان ، ولأن الأخذ بطريق السرقة ، لا ينقل الملكية من يد صاحبها "المالك" فيكون شراؤه لها شراء من شخص لا يملكه ، وهو غير جائز ، ومال المسلم له حرمة ، لا يجوز إهدارها كما بين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : "كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه" أخرجه مسلم رقم 2564 في البر ، وهو طرف من حديث طويل . وفي الحديث الشريف : "من اشترى سرقة ، وهو يعلم أنها سرقة ، فقد اشترك في إثمها وعارها" انظر جمع الفوائد .

وكذلك حكم المغصوب ، يحرم شراؤه من الغاصب ، لأنه مأخوذ بالظلم والعدوان ، فلا يجوز أن نعينه على الظلم ، بشرءا هذا الشيء المغصوب منه ، وقد قال تعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) سورة المائدة الآية 2 .
وقد قال صلى الله علسه وسلم : "كل لحم نبت من السحت – أي الحرام – فالنار أولى به" أخرجه الترمذي .

فتنبه أخي المسلم ، فإن الأمر خطير ، والظلم ظلمات يوم القيامة (يوم لا ينفع مال ولا بنون*إلا من أتى الله بقلب سليم*) سورة الشعراء الآيتان 88-89 .


--------------------

حكم البيع بالمزايدة


البيع بالمزايدة جائز في الشريعة الإسلامية ، وقد فعله صلى الله عليه وسلم ، وصورته أن تُعرض سلعة من السلع ، ويجتمع الناس ويزيد بعضهم على بعض فيها ، حتى تستقر على واحد منهم ، ويحكم ببيعها له ، ويتم البيع .
قال عطاء : أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد . صحيح البخاري 4/415 باب بيع المزايدة ، وذكر الأثر عن عطاء .
وقال مجاهد : لا بأس ببيع من يزيد .
وروى الترمذي عن أنس بن مالك "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلساً – هو ما يوضع فوق ظهر الدابة – وفدحاً ، وقال : من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل : أخذتهما بدرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين ، فباعهما منه" أخرجه الترمذي رقم 1218 وقال : حديث حسن .
فدل هذا الحديث على جواز البيع بالمزايدة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ، من يزيد؟ فباعه لمن زاد في الثمن .


---------------

حكم البيع بالغبن الفاحش


البيع مشروع لتبادل المنافع ، وليربح الناس بعضهم من بعض ، والشارع لم يمنع من الربح ، ولم ينه عنه في البيع والشراء ، ولم يحدد له قدراً ، إنما نهى عن الغش والتدليس على الناس ، ومدح السلعة بما ليس فيها ، وإخفاء ما فيها من عيب ، وأمثال ذلك . ولكن إذا حدث الغبن في البيع بدون غش ولا تدليس ، فما هو حكمه؟

جمهور الفقهاء يرون أنه لا يُرد المبيع بالغبن الفاحش ، ولو كان كثيراً ، لأن الإنسان يُطلب منه أن يكون حذراً يقظاً ، لا يدفع في سلعة أو بضاعة اضعاف قيمتها ، ولا يكون مغفلاً يخدعه الناس ، فإذا اشترى شيئاً ولو بزيادة في السعر ، لزمه البيع .
والمشهور عند المالكية أن المبيع لا يرد بالغبن إلا في أمور :

الأول : أن يكون البائع أو المشتري بالغبن الفاحش ، وكيلاً أو وصياً عن صغير ، فيرد البيع صيانة لحقوق الناس واليتامي .

الثاني : أن يفوض المشتري الأمر إلى البائع ، فيقول له : بعني بالسعر الذي تبيعه للناس ، فإذا ظهر الغبن فله الرد .

الثالث : أن يستأمن أحد المتبايعين الآخر ، فيقول له : أنا لا أعرف السعر ، فكم تساوي قيمتها في السوق؟ فإذا أخبره بزيادة أو بنقص ، كان له الحق في الرد أيضاً .



ما هو مقدار الغبن الفاحش


وقد اختلف الفقهاء في تقدير الغبن الفاحش على أقول :
1 – فقيل : الغبن الفاحش أن تباع السلعة بزيادة الثلث على القيمة ، فيكون ذلك ربحاً فاحشاً .
2 – وقيل : الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقدير المقدرين ، من أهل الصنعة والخبرة ، فإذا قدره بعضهم مثلاً بثلاثمائة ، وبعضهم بأربعمائة ، وقدره البعض بخمسمائة ، ولم يقدره أحد من أهل الخبرة بأكثر من ذلك ، فيكون إذا زاد على ذلك التقدير ، غبناً فاحشاً ، وهو الأظهر والأرجح .
3 – وافتى بعض أئمة المالكية ، بأن المبيع إذا زاد على الثلث ، فسخ البيع ، بشرط أن يكون البائع علاماً بالغبن ، لأنه يكون مغرراً في هذه الحالة للمشتري .

والجمهور على أنه لا يرد المبيع بالغبن ، ولو كان فاحشاً ، إلا إذا اشترط عليه المشتري بقوله : لا خلابة أي لا خديعة ، كما ورد به الحديث الشريف .


------------------



بيع المرابحة ، والوضيعة ، والتولية

يقسم البيع بحسب الثمن إلى أنواع أربعة :
1 – المرابحة : هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة ، مع إضافة ربح معين على رأس المال ، سُمي "مرابحة" لأن فيها ربحاً زائداً على رأس المال .

2 – التولية : هي البيع برأس المال ، دون زيادة ولا خسارة ، مثل إذا اشترى أرضاً بعشرة آلاف ، ثم باعها بالسعر الذي اشتراها به ، سمي "تولية" لأنه جعل غيره والياً مكانه ، فباعها بسعر التكلفة .

3 – الوضيعة : هي أن يبيع السلعة بثمن أقل من رأس الال ، أي بخسارة خشية الكساد ، أو لحاجته إلى المال ، كمن اشترى سلعة بخمسة وباعها بأربعة ، لأنه باعها بأنقص مما اشتراها به ، ولذلك سمي "وضيعة" .

4 – المساومة : هي البيع بطريق التفاوض ، والتساوم على مبلغ يرضى به الطرفان ، وه أكثر تعامل الناس ، وهو الأصل في البيوع .

وجميع هذه البيوع جائزة ، أباحها الله عز وجل للناس ، لأنها من نوع التجارة التي أذن الله بها (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
ويشترط في جميع هذه الأنواع من البيوع ، سواء كانت "بالمرابحة ، أو بالتولية ، أو بالوضيعة" أن يكون البائع أميناً ، صادقاً في قوله ، فإذا ظهر كذبه في بيان الثمن ، فللمشتري الحق في رد البضاعة ، وفسخ العقد ، لأن ذلك يعتبر خيانة ، حيث غرر المشتري وخدعه ، بإخباره بغير الثمن الحقيقي الذي اشتراها به ، فله الحق في فسخ البيع ، ورده إلى صاحبه ، أما في بيع المساومة ، فيجوز البيع على ما اتفقا عليه ، مع مراعاة ألا يكون الربح فاحشاً ، لأن المسلم أخ المسلم ، عليه أن يحب له ما يحبه لنفسه .


البيوع المحرمة





المرابحة العادية
       المرابحة صورة من صور البيع ، وعلى وجه التحديد من بيوع الأمانة ، وهي البيوع التي تستند على الثقة بين المتبايعيين وتعتمد رأس المال أساساً للثمن ، ومنها بيع التولية والوضيعة .
       وكما أوضحنا فيما تقدم ، يجوز إبرام هذه البيوع بالدفع العاجل أو السداد بالأجل .
       وقد اتفق المسلمون على جوازها استناداً إلى عموم الأدلة التي تبيح البيع بصفة عامة ، ووضعوا لها من الشروط والضوابط بحيث تبقى في
إطار الصدق والأمانة الذي تدور عليه هذه البيوع .
       والأهم في هذه البيوع هو بيع المرابحة ، والذي استخدمته البنوك الإسلامية كأداة للتمويل لديها ، ولتقوم هذه الأداة الإسلامية المشروعة ، فيما بعد وبشكل رئيسي ، مقام نظام التمويل بالفائدة لدى البنوك التقليدية ، وقد احتل نظام التمويل بالمرابحة للأمر بالشراء ، الدرجة الأولى بين أدوات التمويل المستخدمة لدى البنوك الإسلامية .
       وسنتناول في هذا المطلب موضوع المرابحة العادية من حيث طبيعتها وشروطها وضوابطها وتطبيقاتها العملية في عدد من الفروع فيما يلي :





طبيعة المرابحة ومشروعيتها
       المرابحة لغة : مصدر من الربح هي الزيادة . [1]
       وهي مفاعلة من الربح ، وهو النماء في التجارة (التجر) . [2]
       وفي الاصطلاح الفقهي : عرفها المالكية بأنها : ( مبيع السلعة بالثمن الذي اشتراها به مع زيادة ربح معلوم ) . [3]
       وعرفها الحنابلة بأنها : ( بيع برأس المال وربح معلوم ) . [4]
       وعرفها الحنفية بأنها : ( بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح ) . [5]
       وعرفها الشافعية بأنها : ( عقد يبنى الثمن فيه على ثمن البيع الأول مع زيادة ) . [6]
       مشروعيتها : يستمد بيع المرابحة مشروعيته من القرآن والسنّة واتفاق الفقهاء حوله من حيث المبدأ .
       في القرآن : قال تعالى : [ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ] . سورة البقرة ، الآية 198 .
       وذلك أن المرابحة تمثل ابتغاء للفضل أي الزيادة ، كما أنها تدخل في عموم عقود البيع المشروعة لقوله تعالى : [ وأحل الله البيع وحرّم الربا ] . سورة البقرة، الآية 275 .
       في السنّة : كما أجاز الرسول عليه الصلاة والسلام بيع السلعة بأكثر من رأس مالها في قوله عليه السلام : ( البيعان بالخيار ما لم يفترقا ) .
       وأيضاً : ( لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره ، خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح سواءً بسواء ، مثلاً بمثل ، يداً بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم ) . [7]
       اتفاق الفقهاء : هناك أيضاً فتوى صادرة عن مؤتمر المصاريف الإسلامية الثاني تقول : ( إن المواعدة على بيع المرابحة للأمر بالشراء ، بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق هو أمر جائز شرعاً طالما كانت تقع على المصرف مسؤولية الهلاك قبل التسليم ، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي ، أما بالنسبة للوعد وكونه ملزم للأمر بالشراء أو المصرف أو كليهما فإن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعاً ، وكل مصرف مخيّر في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه ) . [8]




شروط صحة المرابحة
       المرابحة بيع كالبيوع تحل بما تحل به البيوع ، فحيث يكون البيع حلالاً فهي حلال ، وحيث كان البيع حراماً فهي حرام ، ولكن يلزم لصحة المرابحة بالإضافة إلى الشروط العامة في العقود ( كالأهلية والمحل والصيغة ) بعض الشروط الأخرى منها ما يلي :
1 -   أن يكون الثمن الأول معلوماً للمشتري الثاني ، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح ، والعلم بالثمن الأول شرط لصحة البيع فإذا لم يكن معلوماً فهو بيع فاسد . [9]
2 -   أن يكون الربح معلوماً لأنه بعض الثمن ، والعلم بالثمن شرط لصحة البيع.[10]
3 -   أن لا يكون الثمن في العقد الأول مقابلاً بجنسه من أموال الربا ، فإن كان كذلك بأن اشترى المكيل أو الموزون بجنسه مثلاً بمثل لم يجز بأن يبيعه مرابحة ، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول وزيادة ، والزيادة في أموال الربا تكون ربا لا ربحاً . [11]
4 -   أن يكون رأس المال من المثلياتكالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة ، فإن كان قيمياً مما لا مثل له من العروض لم يجز بيعه مرابحة، لأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح . [12]
5 -   أن يكون عقد البيع الأول صحيحاً ، فإن كان فاسداً لم تجز المرابحة ، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح ، والبيع الفاسد يثبت الملك فيه بقيمة المبيع إن كان قيمياً أو بمثله إن كان مثلياً ، لا بالثمن المسمى لفساد التسمية ، والمملوك بالقيمة لا يباع مرابحة ، لأن القيمة مجهولة لا تعرف إلاّ بالتقويم ، والمرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح والثمن الأول هنا مجهول القيمة . [13]
       وتوجد شروط أخرى متعلقة بكل من بيان العيب ، وما قد يطرأ على المبيع من الزيادة أو النقصان ولأن بيع المرابحة من بيوع الأمانة ، فيمتنع فيها على البائع خيانة المشتري في ثمن البيع صفة وقدراً ، أو في المبيع من حيث سلامته أو تعيبه .
       وقد شرح أئمة المذاهب الإسلامية والفقهاء المسلمون من بعدهم هذه الأمور بالتفصيل الدقيق مع ضرب الأمثلة عليها ، ليرجع إليها من يريد الاستزادة في هذا الموضوع . [14]
       ومما سبق ذكره من شروط خاصة بالمرابحة ، يتبين وجوب أن يكون المبيع حاضراً يراه المشتري ، أو أن يكون قد رآه وعرفه ، وأن يعرف المشتري مقدار الثمن الأصلي ومقدار الربح الذي سيدفعه زيادة عن الثمن الأصلي ، إن كان المبيع حالاً .
       وأن يعرف مقدار الثمن الآجل إن كان بيع المرابحة مرتبطاً بالأجل ، لأن الثمن الآجل يكون أعلى من الثمن الحال عادة .



















البيع:)


تعريف البيع
       البيع في اللغة : مقابلة شيء بشيء ، فمقابلة السلعة بالسلعة تسمى بيعاً لغة كمقابلتها بالنقد ، ويقال لأحد المتقابلين مبيع وللآخر ثمن .
       وقال بعض الفقهاء : إن معناه في اللغة تمليك المال بالمال وهو بمعنى التعريف الأول .
     &n
bsp; وقال آخرون : أنه في اللغة إخراج ذات عن الملك بعوض وهو بمعنى التعريف الثاني ، لأن إخراج الذات عن الملك هو معنى تمليك الغير للمال ، فتمليك المنفعة بالإجارة ونحوها لا يسمى بيعاً .
       أما الشراء فإنه إدخال ذات في الملك بعوض ، أو تملك المال بالمال ، على أن اللغة تطلق كلاً من البيع والشراء على معنى الآخر ، فيقال لفعل البائع : بيع وشراء كما يقال ذلك لفعل المشتري ومنه قوله تعالى : [ وشروه بثمن ] . سورة يوسف ، آية 20 . فإن معنى شروه في الآية باعوه ، وكذلك الاشتراء والابتياع فإنهما يطلقان على فعل البائع والمشتري لغة .
       إلاّ أن العرف قد خص المبيع بفعل البائع وهو إخراج الذات في الملك ، وخص الشراء والاشتراء والابتياع بفعل المشتري وهو إدخال الذات في الملك . [1]
مشروعية البيع :
       إن مشروعية البيع ثابتة بالكتاب والسنّة والإجماع .
       في الكتاب : ورد في القرآن الكريم [ وأحل الله البيع وحرم الربا ] . سورة البقرة ، الآية 275 .
       وفي سورة النساء : [ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ] . سورة النساء ، الآية 29 .
       وقوله تعالى : [ فاشهدوا إذا تبايعتم ] . سورة البقرة ، الآية 282 .
       فهذه الآيات صريحة في حل البيع وإن كانت مسوقة لأغراض أخرى غير إفادة الحل، لأن الآية الأولى مسوقة لتحريم الربا ، والثانية مسوقة لنهي الناس عن أكل أموال بعضهم بعضاً بالباطل ، والثالثة مسوقة للفت الناس إلى ما يرفع الخصومة ، ويحسم النزاع من الاستشهاد عند التبايع . [2]
       في السنّة : فالنبي (ص) قد باشر البيع وشاهد الناس يتعاطون البيع والشراء فأقرهم ولم ينهاهم عنه . [3]
       ومنها قوله (ص) : ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه ، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) ، رواه البخاري . وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يجب على الإنسان من العمل في هذه الحياة ، فلا يحل له أن يهمل طلب الرزق اعتماداً على سؤال الناس ، كما لا يحل له أن يستنكف عن العمل ، سواءً كان جليلاً أو حقيراً ، بل عليه أن يعمل بما هو ميسر له .
       ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح سواءً بسواء ، مثلاً بمثل ، يداً بيد ، فمن زاد أن استزاد فقد أربى ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فيبيعوا كيف شئتم ) رواه مسلم ، فقوله فبيعوا كيف شئتم صريح في إباحة البيع .
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الكسب بيع مبرور ، وعمل الرجل بيده ) رواه أحمد والطبراني وغيرهما ، والبيع المبرور هو الذي يبر فيه صاحبه فلم يغش ولم يخن ولم يعص الله فيه ، وحكمه حله ما يترتب عليه من تبادل المنافع بين الناس ، وتحقيق التعاون بينهم .
       فينتظم بذلك معاشهم ، وينبعث كل واحد إلى ما يستطيع الحصول عليه من وسائل العيش ، فهذا يغرس الأرض بما منحه الله من قوة بدنية وألهمه من علم بأحوال الزرع ويبيع ثمرها لمن لا يقدر على الزرع ولكنه يستطيع الحصول على الثمن من طريق أخرى ، وهذا يحضر السلعة من الجهات الثانية ويبيعها لمن ينتفع بها ، وهذا يجيد ما يحتاج إليه الناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته ، فالبيع والشراء من أكبر الوسائل الباعثة على العمل في هذه الحياة الدنيا ، وأجل أسباب الحضارة والعمران . [4]
       الإجماع : وقد أجمع الأئمة على مشروعية البيع وأنه أحد أسباب التملك. [5]
       كما أن الحكمة تقتضيه ، لأن الحاجة ماسة إلى شرعيته ، إذ الناس محتاجون إلى الأعواض والسلع والطعام والشراب الذي في أيدي بعضهم ولا طريق لهم إليه إلاّ بالبيع والشراء .
       في القانون الوضعي : البيع تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض . [6]    البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي . [7]




أركان البيع
       أركان البيع ستة وهي الصيغة والعاقد والمعقود عليه ، وكل منهما قسمان لأن العاقد إما أن يكون بائعاً أو مشترياً ، والمعقود عليه إما أن يكون ثمناً أو مثمناً والصيغة إما أن تكون إيجاباً أو قبولاً ، فالأركان ستة والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود الشيء وإن كان غير داخل في حقيقته ، وهذا مجرد اصطلاح، لأن ركن الشيء الحقيقي هو أصله الداخل فيه ، وأصل البيع هو الصيغة التي لولاها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشتري ، ولكل ركن من الأركان أحكام وشروط سنذكرها على الترتيب الذي يلي :

الركن الأول : الصيغة
       الصيغة في البيع هي كل ما يدل على رضاء الجانبين البائع والمشتري وهي أمران :
الأول : القول وما يقوم مقامه من رسول أو كتاب ، فإذا كتب لغائب يقول له : بعتك داري بكذا أو أرسل له رسولاً فقبل البيع في المجلس فإنه يصح ولا يغتفر له الفصل إلاّ بما يغتفر في القول حال حضور المبيع .
الثاني : المعاطاة وهي الأخذ والإعطاء بدون كلام كأن يشتري شيئاً ثمنه معلوم له فأخذه من البائع ويعطيه الثمن وهو يملك بالقبض ، ولا فرق بين أن يكون المبيع يسيراً كالخبز والبيض ونحوهما مما جرت العادة بشرائه متفرقاً أو كثيراً كالثياب القيمة .
       وأما القول : فهو اللفظ الذي يدل على التمليك والتملك ، كبعت واشتريت ويسمى ما يقع من البائع إيجاباً ، وما يقع من المشتري قبولاً ، وقد يتقدم القبول على الإيجاب ، كما إذا قال المشتري : بعني هذه السلعة بكذا .
       ويشترط للإيجاب والقبول شروط منها : أن يكون الإيجاب موافقاً للقبول في القدر والوصف والنقد والحلول والأجل ، فإذا قال البائع : بعت هذه الدار بألف فقال المشتري : قبلتها بخمسمائة لم ينعقد البيع ، وكذا إذا قال : بعتها بألف جنيه ذهباً ، فقال الآخر : قبلتها بألف جنيه ورقاً ، فإن البيع لا ينعقد إلاّ إذا كانت الألف الثانية مثل الأولى في المعنى من جميع الوجوه فإن البيع ينعقد في هذه الحالة ومنها : أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد ، فإذا قال أحدهما : بعتك هذا بألف ثم تفرقا قبل أن يقبل الآخر فإن البيع لا ينعقد ومنها : أن يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض ، أما الفاصل اليسير وهو الذي لا يدل على الإعراض بحسب العرف فإنه لا يضر .
       ومنها : سماع المتعاقدين كلام بعضهما ، فإذا كان البيع بحضرة شهود فإنه يكفي سماع الشهود بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق ، فإذا قال : بعت هذه السلعة بكذا ، وقال الآخر : قبلت ، ثم تفرقا فادعى البائع أنه لم يسمع القبول أو ادعى المشتري بأنه لم يسمع الثمن مثلاً فإن دعواهما لا تسمع إلاّ بالشهود .

الركن الثاني : العاقدان
       وأما العاقدان سواءً كان بائعاً أو مشترياً فإنه يشترط له شروط ، منها : أن يكون : مميزاً فلا ينعقد بيع الصبي الذي لا يميز ، وكذلك المجنون ، أما الصبي المميز والمعتوه اللذان يعرفان البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها ، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلاّ إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه ، ولا يكفي الإذن العام .
       فإذا اشترى الصبي المميز السلعة التي أذن له وليه في شرائها انعقد البيع لازماً ، وليس للولي رده ، أما إذا لم يأذن وتصرف الصبي المميز من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد ، ولكن لا يلزم إلاّ إذا أجازه الولي ، أو أجازه الصبي بعد البلوغ ومنها : أن يكون : رشيداً ، وهذا شرط لنفاذ البيع فلا ينعقد بيع الصبي مميزاً كان أو غيره ، ولا بيع المجنون والمعتوه والسفيه إلاّ إذا أجاز الولي بيع المميز منهم ، أما بيع غير المميز فإنه يقع باطلاً ولا فرق في المميز بين أن يكون أعمى أو مبصراً .
       ومنها : أن يكون : العاقد مختاراً فلا ينعقد بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى : [ إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم ] . سورة النساء ، الآية 29 .
       وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إنما البيع عن تراض ) رواه ابن حيان .

الركن الثالث : المعقود عليه
       يشترط في المعقود عليه ثمناً كان أو مثمناً شروط منها :
أ -    أن يكون طاهراً فلا يصح أن يكون النجس مبيعاً ولا ثمناً ، فإذا باع شيئاً نجساً أو متنجساً لا يمكن تطهيره فإن بيعه لا ينعقد ، وكذلك لا يصح أن يكون النجس أو المتنجس الذي لا يمكن تطهيره ثمناً ، فإذا اشترى أحد عيناً طاهرة وجعل ثمنها خمراً أو خنزيراً مثلاً فإن بيعه لا ينعقد .
ب -  أن يكون منتفعاً به انتفاعاً شرعياً فلا ينعقد بيع الحشرات التي لا نفع فيها .
ج -   أن يكون المبيع مملوكاً للبائع حال البيع ، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً إلاّ في السلم ، فإنه ينعقد بيع العين التي ستملك بعد .
د -    أن يكون مقدوراً على تسليمه ، فلا ينعقد بيع المغصوب لأنه وإن كان مملوكاً للمغصوب منه إلاّ أنه ليس قادراً على تسليمه إلاّ إذا كان المشتري قادراً على نزعه من الغاصب ، وإلا صح ، وأيضاً لا يصح أن يبيعه الغاصب لأنه ليس مملوكاً .
هـ-    أن يكون المبيع معلوماً والثمن معلوماً علماً يمنع من المنازعة ، فبيع المجهول جهالة تقضي إلى المنازعة غير صحيح كما إذا قال للمشتري : اشتري شاة من قطيع الغنم التي أملكها أو اشتري مني هذا الشيء بقيمته أو اشتري مني هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به فلان ، فإن البيع في كل هذا لا يصح .
و -   أن لا يكون مؤقتاً كأن يقول له : بعتك هذا البعير بكذا لمدة سنة . [8]
       ومن الجدير بالملاحظة أنه في النظام الاقتصادي الإسلامي تخضع اركان وشروط عقد البيع في تنظيمها لقواعد الفقه الإسلامي المتعلق بالمعاملات .
وعند تطبيق هذه العقود لدى البنوك الإسلامية في عمليات التمويل ، فإن هذه العقود تخضع كذلك في تنظيمها للقواعد العامة للقانون الوضعي في الدولة التي يتم فيها التعاقد .

أنواع البيوع
أولاً – تقسيم البيع باعتبار المبيع :
       ينقسم البيع باعتبار موضوع المبادلة فيه إلى أربعة أقسام :
1 -   البيع المطلق : هو مبادلة العين بالنقد وهو أشهر الأنواع ، ويتيح للإنسان المبادلة بنقوده على كل ما يحتاج إليه من الأعيان ، وينصرف إليه البيع عند الإطلاق فلا يحتاج كغيره إلى تقييد .
2 -   بيع السلم : ويسمى السلف ، هو مبادلة الدين بالعين أو بيع شيء مؤجل بثمن معجل .
3 -   بيع الصرف : وهو بيع جنس الأثمان بعضه ببعض ، وعرف بأنه بيع النقد بالنقد جنساً بجنس أو بغير جنس ، أي بيع الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، وكذلك بيع أحدهما بالآخر .
       وإنما يسمى صرفاً : لوجوب دفع ما في يد كل واحد من المتعاقدين إلى صاحبه في المجلس .
       وشروطه أربعة :
أ -    التقابض قبل الافتراق بالأبدان بين المتعاقدين منعاً من الوقوع في ربا النسيئة لقوله (ص) : ( الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد ، والفضة بالفضة مثلاً بمثل يداً بيد ) .
ب -  التماثل عند اتحاد الجنس : إذا بيع الجنس بالجنس كفضة بفضة أو ذهب بذهب فلا بد فيه من التماثل أي التساوي في الوزن والمقدار دون النظر إلى الجودة والصياغة .
ج -   أن يكون العقد باتاً وألا يكون فيه خيار الشرط لأن القبض في هذا العقد شرط وخيار الشرط بمنع ثبوت الملك أو تمامه كما عرفنا .
د -    التنجيز في العقد وألا يكون فيه أجل ، لأن قبض البدلين مستحق قبل الافتراق والأجل يؤخر القبض .
       فإذا اختل شرط من هذه الشروط فسد الصرف .
4 -   بيع المقايضة : وهو مبادلة مال بمال سوى النقدين ويشترط لصحته التساوي في التقابض إن اتفقا جنساً وقدراً فيجوز بيع لحم بشاة حية لأنه بيع موزون بما ليس بموزون ، وخبز بدقيق متفاضلاً لأنه بيع مكيل بموزون .
       ولا يجوز بيع التين الرطب بالتين اليابس إلاّ تماثلاً ، ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق أو البرغل مطلقاً ولو متساويين لانكباس الأخيرين في المكيال أكثر من الأول ، أما إذا بيع موزوناً فالتماثل واجب . [9]
ثانياً – تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن :
       ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن إلى ثلاثة أنواع :
1 -   بيع المساومة : هو البيع الذي لا يظهر فيه رأس ماله ، أي البيع بدون ذكر ثمنه الأول .
2 -   بيع المزايدة : هو أن يعرض البائع سلعته في السوق ويتزايد المشترون فيها فتباع لمن يدفع الثمن أكثر .
       ويقارب المزايدة الشراء بالمناقصة ، وهي أن يعرض المشتري شراء سلعة موصوفة بأوصاف معينة ، فيتنافس الباعة في عرض البيع بثمن أقل ، ويرسو البيع على من رضي بأقل سعر ، ولم يتحدث الفقهاء قديماً عن مثل هذا البيع ولكنه يسري عليه ما يسري على المزايدة مع مراعاة التقابل .
3 -   بيوع الأمانة : هي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال أو أزيد أو أنقص وسميت بيوع الأمانة لأنه يؤمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهي ثلاثة أنواع :
أ -    بيع المرابحة : وهو بيع السلعة بمثل الثمن الأول الذي اشتراها البائع مع زيادة ربح معلوم متفق عليه .
ب -  بيع التولية : وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به من غير نقص ولا زيادة .
ج -   بيع الوضيعة : وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به مع وضع (حط) مبلغ معلوم من الثمن ، أي بخسارة محددة .
       هذا وفي حالة كون البيع يتم لجزء من المبيع ، فإنه يسمى بيع (الاشتراك) وهو لا يخرج عن الأنواع المتقدمة المذكورة من البيوع . [10]
ثالثاً – تقسيم البيع باعتبار طريقة تسليم الثمن :
1 -   بيع منجز الثمن : وهو ما يشترط فيه تعجيل الثمن ، ويسمى بيع النقد أو البيع بالثمن الحال .
2 -   بيع مؤجل الثمن : وهو ما يشترك فيه تأجيل الثمن .
3 -   بيع مؤجل المثمن : وهو مثل بيع السلم وبيع الاستصناع .
4 -   بيع مؤجل العوضين : أي بيع الدين بالدين وهو ممنوع في الجملة . [11]
رابعاً – تقسيم البيع باعتبار الحكم الشرعي :
       ينقسم البيع باعتبار الحكم الشرعي إلى أنواع كثيرة منها :
       1 -   البيع المنعقد ويقابله البيع الباطل .
       2 -   البيع الصحيح ويقابله البيع الفاسد .
       3 -   البيع النافذ ويقابله البيع الموقوف .
       4 -   البيع اللازم ويقابله البيع غير اللازم (ويسمى الجائز أو المخير) .
أ -    فالبيع اللازم : هو البيع الذي يقع باتاً إذا عري عن الخيارات ، كبعتك هذا الثوب بعشرة قروش ، وقبل المشتري .
ب -  والبيع غير اللازم : وهو ما كان فيه إحدى الخيارات ، كبعتك هذا الثوب بعشرة قروش ، فقال المشتري : قبلت على أني بالخيار ثلاثة أيام .
ج -   والبيع الموقوف : ما تعلق به حق الغير كبيع إنسان مال غيره بغير إذنه .
د -    أما البيع الصحيح النافذ اللازم : فهو ما كان مشروعاً بأصله ووصفه ، ولم يتعلق به حق الغير ولا خيار فيه وحكمه أنه يثبت أثره في الحال .
هـ-    أما البيع الباطل : فهو ما اختل ركنه أو محله أو لا يكون مشروعاً بأصله، ولا بوصفه وحكمه أنه لا يعتبر منعقداً فعلاً .
و -   والبيع الفاسد : هو ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه ، كمن عرض له أمر أو وصف غير مشروع مثل بيع المجهول جهالة تؤدي للنزاع ، كبيع دار من الدور أو سيارة من السيارات المملوكة لشخص دون تعيين ، وكإبرام صفقتين في صفقة ، وحكمه أنه يثبت فيه الملك بالقبض بإذن المالك صراحة أو دلالة .
- الضابط الذي يميز الفاسد عن الباطل :
1 -   إذا كان الفساد يرجع للمبيع فالبيع باطل .
2 -   أما إذا كان الفساد يرجع للثمن ، فإن البيع يكون فاسداً ، أي أنه ينعقد بقيمة المبيع .
أنواع البيع الباطل :
       وهي ستة أنواع كالآتي :
       1 -   بيع المعدوم .               2 -   بيع معجوز التسليم .
       3 -   بيع الغرر .                 4 -   بيع النجس والمتنجس .
       5 -   بيع العربون .               6 -   بيع الماء . [12]






البيوع المستخدمة لدى البنوك الإسلامية
       اتجهت البنوك الإسلامية بنشاط ملحوظ لاستخدام البيوع في عمليات التمويل التي تقدمها ، ولتجاوز الصعوبات التي واجهتها في أنواع التمويل الأخرى كالمضاربة والمشاركة ، ومن البيوع التي استخدمتها هذه البنوك ووجدت بها وسيلة ملائمة لأغراض التمويل الإسلامي ، بيع المرابحة وبيع الأجل .
       ومن خلال المقارنات مع أساليب التمويل الأخرى في المباحث السابقة تبين لنا أن المراجعة قد احتلت الحجم الأكبر بين أساليب التمويل المستخدمة ، لسهولة التعامل بها ووضوح تطبيقاتها .
       وبيع المرابحة : أحد بيوع الأمانة والتي سبق بيانها في الفرع السابق ، ومثله بيع التولية وبيع الوضيعة ، ولأهمية سنفرد له مبحثاً مستقلاً فيما بعد ، وبيوع الأمانة يجوز عقدها بالدفع العاجل أو السداد الأجل .
       وبيع الأجل : هو البيع الذي يتفق فيه العاقدان على تأجيل دفع الثمن إلى موعد محدد في المستقبل ، وقد يكون الدفع جملة واحدة ، أو على أقساط ، ولا بد فيه من معلومية الأجل ، ولا مانع من اشتمال الثمن على زيادة ضمنية عن ثمن البيع الحال ولكن لا يزيد مقدار الثمن المؤجل إذا لم يدفع في موعده . [13]
       والبيع المؤجل الثمن أو البيع بالنسيئة هو بيع ائتماني لأن سداد الثمن فيه يتم بتاريخ لاحق على إبرام العقد وتسليم المبيع للمشتري ، بخلاف البيع العادي ، وسواءً دفع الثمن مرة واحدة أو على أقساط في آجال محددة وبوجود دفعة أولى أو بدونها ، ففي كل الحالات يستفيد المشتري من الأجل الممنوح له من البائع .
       ويخضع بيع الأجل للشروط العامة في العقود ، وتلك الخاصة بعقد البيع ، وأخرى متعلقة به وهي :
أ -    تحديد الثمن الذي قد يكون هو نفسه المطلوب في البيع الناجز ، وقد يكون بزيادة عليه .
ب -  الاتفاق على مبدأ التأجيل وتاريخ السداد وكيفيته .
ج -   إذا وقع الاختيار على السداد بالأقساط وليس دفعة واحدة ، وهي الحالة الغالبة عملياً ، فيجب تحديد مقدار كل قسط وتاريخ استحقاقه .
د -    وهناك من يضيف شرط تسليم المبيع للمشتري لأن استحقاق الثمن يبدأ من وقت التسليم .
       ويدخل في إطار هذا البيع :
1 -   بيع السلم : أو البيع المعجل الثمن المؤجل التسليم ، وهو بيع من نوع خاص .
2 -   البيع بالتقسيط : وهو أحد أشكال القروض الاستهلاكية التي تقدمها البنوك والشركات المتخصصة للأفراد من أجل شراء السلع المعمرة . [14]
       وبالرغم من الاختلاف على مشروعيته ، فإن الفقه المتعلق بمعاملات البنوك الإسلامية حسم فيه واعتبره جائزاً وبإمكان البنوك استخدامه دون حرج . [15]